“ليت الأيَامُ تعودُ بي كي أرى أبنائي كالجسدِ الواحدِ يشدُ بعضهم بعضا”
متاح باللغة الإنكليزية Fresh Syria English
اسمي “فاطمة” متزوجةٌ ولديَ خمسةُ أولاد، ومن بينهما “خالد وإسماعيل” كانا يعملان في جيش النظام في مدينة حلب وكانت حالتنا الماديَة جيدةً نوعاً ما.
بدأت معاناتنا مع بداية المظاهرات والمطالبة بالحرية ورحيل “بشَار الأسد” لم يعد بإمكاني رؤية “خالد وإسماعيل”. فقد كنت أتحدث معهما في بداية الأمر وأحثهم على الانشقاق عن النظام والعودة إلينا.
ولكنَهم كانوا مقتنعين بأن النظام هو المحقُ وأن المتظاهرين هم “إرهابيون” وقرروا أن يأخذوا عائلتهم إلى مكان عملهم ولم يكن بمقدوري فعل شيء.
أما ولدي “موسى” كان مخالفًا لإخوته فقد كان يشارك في جميع المظاهرات، وكان يقول لي دوماً أن “خالد وإسماعيل” بمثابة أعداء لنا، حين كنت أسمع كلام “موسى” عن إخوته كانت عيوني تغرورق بالدموع، وأقول في خَلَدي أن جميعهم كالبدرِ الذَي يضيء قلبي ولا أستطيع أن أحقد على أحد.
وذات يوم ذهب ابني “عبد الله” إلى عمله حيث كان يعمل في “معمل الغزل” بإدلب، تم اعتقاله لأنه كان يساعد أحد عناصر النظام على الانشقاق، وعندما حاولت أن أخبر أولادي الذين يعملون لدى النظام كان ردة فعلهم بأن لا أتحدث معهم بهذا الموضوع ثانيةً، عندها كانت آخر حديثٍ بيني وبينهم.
وبعد اعتقال “عبد الله” بستة أشهر بدأت معركة تحرير مدينة “كفرنبل” وخلال هذا المعركة فقدت ولدي “موسى”.
كان خبر استشهاده أصعب شيءٍ يمرُ عليَ في حياتي، حيث ترك بعد استشهاده زوجته وأولاده الذين لم يعرفوا من الدنيا شيء.
لقد فقدت جميع أفراد عائلتي، كنت أنظر حولي ولا أرى سوى زوجات أولادي، وأقول في نفسي يا ليت الأيام تعود بي حتى أرى أولادي جميعهم بجانبي فأنا لم أعد أستطيع التحمل أكثر بعد أن فرقهم القدر عني، فلم يزل “خالد وإسماعيل” مع جيش الأسد “وعبد الله” في المعتقلات و”موسى” شهيداً تحت التراب وأنا أعاني وقلبي يتفطَر على أولادي وعوائلهم.