غياب زوجي سكينٌ مستقرَةٌ بأضلعي
لم يخطر لي يوماً أنني سأتعرضُ لأزمةٍ عائليةٍ كبيرة، لأن حياتي كانت بعيدةً عن الحزن والهمِ ومليئةً بالحبِ والودِ بيني وبين زوجي.
مع بداية الثورة كان زوجي في طليعةِ المتظاهرين ضد نظام آل الأسد وأعوانه، ومن ثم انضم للجيش الحر بعد عامٍ من انطلاق الثورة.
بعد مدةٍ من الزمن قرر زوجي ورفاقه الهجوم على “مخفر الشرطة” المتواجد في الحي الذي نقيم فيه فما يزال تحت قبضة النظام، وما أن بدأت المعركة وأصوات الاشتباكات بدأ الخوف يراود قلبي فقد توقف عقاربُ الساعة التي كنت أطيل النظر إليها منتظرةً عودة زوجي، ومع بزوغ الفجر جاء زوجي دون أن يصاب بأي مكروهٍ وأخبرني بأن “المخفر” صار تحت سيطرة الجيش الحر.
وبعد مرورِ وقتٍ من الزمن فُقِدَ زوجي وغاب عن المنزل أياماً عدَة، لم أعرف حينها ماذا سأفعل فأخبرتُ أخيه بذلك دون وعيٍ مني فقد اسودت الحياةُ وتحولت إلى غمامةٍ من الحزن والقهر.
بدأت رحلةُ البحث عنه في كل مكانٍ حتى جاء إلينا خبرٌ أنَ مجموعةً من الأشخاص قاموا باختطافه وتسليمه لقوات النظام، حاولنا ملَياً أن نخرجه من السجن مقابل المالِ لكن كانت كل محاولاتنا دون جدوى.
حينها لم يكن أمامي سوى المحافظة على ولدي الصغير، والمحاولة مراراً من أجل معرفة مكان تواجد زوجي وفي أي فرع هو ولكنني لم أعلم عنه شيء فربما النظام قد قتله.
الآن مضت سبع سنوات فقد نفذ صبري، وكل يوم أفقد جزءاً من الأمل حتى أنني أصبحت موقنةً بأنه لا جدوى من البحث والانتظار.
لقد خسرتُ زوجي وخسرت كلَ شيءٍ فكان لا بدَ من البحث عن حياةٍ جديدةٍ من المؤكدِ أنها حياةٌ لا شيء فيها سوى التعبُ والخوفُ من المجهول.
لقد صار زوجي مثله كمثل آلاف المعتقلين في غياهبِ السجن دون أن أعرف عنه خبراً يستكينُ به قلبي وما زال غيابه كالسكينِ استقرَت في أضلعي وتحزُ رقبة ولدي الذي يحلم أن يراه مرةً واحدة.