من مدينة لأخرى نلجأ ونختبئ لعلَّها أكثر أمناً من غيرها
عندما قامت الثورةُ ومع خروج المدنيين للمطالبة بالحريَّة واسقاط النظام الَّذي اتَّبع كافَّة الوسائل لقمع المتظاهرين من إطلاق نارٍ وقنابل مسيلةٍ للدموع وغيرها، كان أولادي من بين الَّذين خرجوا في المظاهرات، فاضطررت أنا وزوجةُ الثانية للخروج من المدينة بعد استشهاد زوجي برصاص قوات النظام.
خرجنا من مدينتا بملابسنا فقط متَّجهين نحو ريف إدلب الجنوبي لنستقر في مدينة كفرنبل، حيث توجد الكثير من العائلات النازحة هناك، أقمنا في منزلٍ صغيرٍ ونحن لا نملك أي مقومٍ من مقوَّمات الحياة.
عشنا سوَّيةً في المنزل حيث بدأ أولادي في العمل من أجل أن نستطيع العيش دون اللجوء لمساعدة الناس فليس لنا مردود آخر.
في إحدى الليالي سمعنا صوت طائرةٍ حربيَّةٍ في سماء المدينة، فجلسنا في الطابق الأوَّل من البناء خوفاً من القصف، وبعد وقتٍ قصيرٍ قصفت المنازل القريبة من البناء، بدأ صوت سيارات الاسعاف يدوي في الطرقات وأصوات صراخ وبكاء، فقد استشهد العديد من المدنيين وجرح الكثير منهم بتلك الغارة الليلية، فالناس معظمها كانت نائمة لا تدري ماذا حصل لها.
في صباح اليوم التالي قمنا بتجهيز الحقائب للرحيل عن المدينة لبلدةٍ أخرى علَّها تكون أكثر أمناً، حيث لجأنا لبلدة حاس المجاورة والَّتي كانت تقصف لكن بشكلٍ متقطَّعٍ جداً.
وبعد عدَّة أشهرٍ استشهدت ضرَّتي بقصفٍ جويَّ على أحد منازل البلدة ولم نعثر على أثرٍ لها، وبعد الحادثة مباشرة خرجنا من البلدة ولجأنا لبلدة أخرى لعلها أكثر أمناً من غيرها.
نور العمري