حلمتُ بأطفالٍ كباقي الأمَّهات لكن أحلامي تلاشت
المعاناةُ الَّتي مرَّت بها المرأةُ السُّوريَّة منذ انطلاق الثورة لم تقتصر فقط على القصف والتَّهجير بل ذاقت مختلف أنواع العذاب والمعاناة.
“أمُّ حسين” امرأةٌ استثنائيَّةٌ فهي أمٌّ تعيلُ أولادها الأربعة من ذوي الاحتياجات الخاصَّة، ومنذ صغرها وهي تحلمُ أن تتزوجَ وتكَّونَ أسرةً مترابطةً وبعيدةً عن الحُزنِ والهموم، لكن أحلامها تمزَّقت وتلاشت في طرفة عين.
اسمي “أمُّ حُسين” تزوَّجتُ وأنجبتُ خمسة أولاد، جميع أولادي يعانون من الإعاقة ولا يستطيعون الحركةَ أو القيام بأي شيءٍ آخر إلا ولدي الكبير كان سليم العقل والجسد.
وذات يومٍ كان زوجي يتجَّولُ في سوق بلدة معرة حرمة وأثناء ذلك سمع صوت الطائرة الحربيَّة في أجواء البلدة فهرع مسرعاً ليختبئ في قبوٍ قريبٍ منه لكن أثناء هروبه سقط على الأرض ما أدى لكسر ظهره ورجليه وأصبح عاجزاً عن الحركة والعمل فأصبحت أعيلُ زوجي وأولادي دون أن يساعدني أحد.
كانت عيوني موطناً للدمع وقلبي مسكناً للحزن والهموم، وحياتي تحوَّلت لعذابٍ وشقاءٍ مستمرَّين، إنَّي أحيا دون أملٍ كالغريقِ الذي لا يجدُ قشَّةً يستعينُ بها، لقد أفنيتُ عمري بمساعدة وإعالة زوجي وأولادي المرضى، كنت أجدُ قهر العالم كلَّه موجوداً في بيتي.
كلَّ يومٍ أرى المصائب تزدادُ من حولي دون أن ألقى أحداً أشكو إليه معاناتي، لكنَّي كنتُ أستعينُ بالصبرِ دائماً لعلَّ الله يجعلُ لي مخرجاً ممَّا أنا فيه.
كنتُ أستيقظُ منذ الصباح وأبدأُ بالعملِ في منزلي، حيثُ أقومُ بتغيير ملابس أولادي كالصغار فهم لا يستطيعون القيام بأي شيء، ومن ثمَّ أعدُّ لهم الفطور إن وجد شيءٌ ليأكلوه، كان يوجدُ داخلي ألمٌ كبيرٌ ويلي أولادي وويلي زوجي الَّذي أمضيت عمري معه على السَّراء والضَّراء.
كنت لا أملكُ في الدُّنيا إلَّا المعاناة والفقر الَّذي دمَّرني بشكلٍ كامل، فمن شدَّة التعب والإرهاق أصابني ألمٌ في أسفل ظهري لكَّني لم أفكر يوماً بالتخلي عن عائلتي ومنزلي.
نور العمري