اعتقاله جعلني في حيرةٍ بين موته وبقائه حيَّاً
اسمي “سوسن” أبلغُ من العمر ثلاثين عاماً، متزوَّجةٌ من ابن خالي ولديَّ ثلاثة أبناءٍ، كان زوج فيما سبق يعملُ في معمل الغزل والنسيج بإدلب، وبعد أن أصبح يتقاضى راتباً من المعمل استطعنا أن نبني منزلاً صغيراً بالقرب من منزل أهله.
وعندما بدأتِ الثورةُ كان لمدينتي نصيبٌ منها، وكان جميع أقربائي من المشاركين في المظاهرات المطالبة والمندَّدة بإسقاط نظام الأسد، وبعد دخول قوَّات الأسد إلى جميع أنحاء إدلب وانتشار الحواجز على الطريق الواصل بين مدينتي وإدلب استمرَّ زوجي في الذَّهاب إلى العمل لكنَّي كنتُ أخشى عليه من الاعتقال الذَّي طال مئات المدنيين.
وبعد فترةٍ وجيزةٍ أخبرني زوجي أنَّ عناصر الأمن والشبيحة أقاموا حاجزاً بالقرب من مكان عمله الأمر الَّذي زاد الشَّك والخوف في قلبي، وبعد مرور عدَّة أيَّامٍ قام أحد عناصر قوَّات الأسد بطلب المساعدة من زوجي لكي ينشقَّ عن النظام لأنَّ هذا العنصر من سهل الغاب ولم تكن لديه معلوماتٌ عن المنطقة، فقرَّر زوجي أن يساعده في الانشقاق دون أن يدري أنَّ هذه مكيدةٌ لاعتقاله وزَّجه في السجن دون أي جرمٍ وذنب.
لقد قاموا باعتقاله وأودوا بحياته في غياهب السجون ولا أعلمُ عنه أيَّ خبرٍ حتَّى السَّاعة، ولا أعلمُ أيضاً إن كان حيَّاً أو ميَّتاً لقد صرتُ دميةً في يدِ التفكيرِ والهواجس ليبقى على عاتقي تربية أبنائي وتأمين جميع متطلبَّات المنزل.
بدأت رحلةُ البحث عنه في كل مكان، وأي معتقل يخرج من سجون نظام الأسد أذهب إليه ومعي صورة لزوجي ليراها لأعلم إذا كان على قيد الحياة، وكان آخر شخصٍ أسأله عن زوجي فقال لي أنه التقى به منذ سنة في سجن “عدرا” بدمشق.
وهذا آخر خبر أعلمه عن زوجي، وحاولت تكراراً ومراراً البحث والسؤال عنه لكن دون جدوى.