الحياة مستمرة رغم صعوبة العمل
أبلغُ من العمر 40 عاماً، من مدينة كفرنبل متزوجةٌ ولديَّ أربعةُ أولاد نعيشُ سويَّةً في بيت صغير، وكان زوجي يعملُ مساعد مهندس في معمل الغزل بمدينة إدلب ويتقاضى راتباً شهرياً نستطيعُ من خلاله أن نؤمَّنُ احتياجات المنزل.
وبعد قيام الثورة في شتَّى أنحاء البلاد ضدَّ نظام البعث، لم يعد زوجي يذهبُ إلى عمله خشية أن تقوم قوَّات الأسد باعتقاله الَّتي تقوم باعتقال المدنيَّين بشكلٍ عشوائيٍّ وتعسفي، وبعد مرور فترة من الزمن علمنا بصدور قرار فصل زوجي نهائياً.
ع قرار الفصل بدأت المعاناة وتغيَّرت ظروفنا، حيثُ بقينا دون أي مردودٍ ماليٍّ الأمرُ الذي دفع زوجي للبحث عن عملٍ يخرجنا من الضَّيق الذي نحن فيه، وكانت فرص العمل قليلةٍ بس ازدياد أعداد المنشقَّين عن النظام والعاطلين عن العمل.
لقد خيَّم الفقرُ علينا وأصبح ظلَّه يغطي العديد من المنازل في المدينة، ومع بداية فصل الشتاء عثر زوجي على عملٍ وهو تقطيع حطب التدفئة مقابل مبلغٍ بسيطٍ نظراً للعمل الصعب والمرهق حيثُ كان يخرجُ في الصَّباح ولا يعودُ حتَّى المساء، وذات يومٍ عاد إلى المنزل والدم يسيلُ من يديه وذلك من شدَّة العمل تعرَّضت يداه لجروحٍ بالغة، تألمتُ جداً وأدمعت عيوني على وضع زوجي لكنَّي لا أستطيع أن أفعل شيء.
طلبتُ منه أن يتوَّقف عن العمل بسبب صعوبته فقال لي سأتركه عندما أجدُ عملاً مناسباً، لكن الآن ليس لا أملكُ خياراً آخراً سوى متابعة العمل رغم قساوته ورغم الألم الَّذي أتعرضُ له لكن لا تظهري أيَّ شيء أمام الأطفال كي لا يخافوا ويحزنوا عليَّ.
وبعد مرور وقتٍ من الزمن لم نعد نستطيع تأمين مستلزمات الحياة لأنَّ زوجي قام بشراء منشارٍ على أن يتمَّ دفع ثمنه على عدَّة دفعات، تحسن عمله قليلاً ولكن ما لبث أن تعرَّض المنشارُ لعطلٍ أثناء العمل ما أسفر عن احتراقه وخروجه عن الخدمة الأمر الذي جعلنا في وضعٍ سيءٍ للغاية، حتَّى عرض ولدي الأكبر البالغ من العمر 13 عاماً على أبيه أن يترك الدراسة ويلتحق بالعمل لكي يساعدنا في توفير احتياجاتنا وأن يخفف الثقل عن أبيه لكن زوجي رفض لأنَّه لا يريدُ أن يتعرَّضَ الولدُ للمصاعب والآلام التي يتعرضَّ هو لها.
والآن رغم صعوبة الحياة وارتفاع الأسعار والفقر الَّذي يخيمُ على آلاف المدنيين ما زلنا متفائلين وكلَّنا أملٌ بحياةٍ أفضل وبعيشةٍ بعيدةٍ عن الفقر والمعاناة.
(صبحية البيوش)