سنينُ عمري مرَّت كالصاعقة كنتُ أتمنى أن أحظى بيومٍ أرتاحُ فيه
اسمي أم محمد أبلغُ من العمر خمسينَ عاماً، تزوجتُ في سنٍ صغيرةٍ، كانَ عمري حينها ستةَ عشرَ عاماً، كنتُ سعيدةً جداً مثلَ أيِّ فتاةٍ تفرحُ بزواجِها، وانتقالها لمرحلةٍ جديدةٍ من مراحلِ الحياةِ.
كان زوجي يعملُ شرطياً، ويعتبرُ في مدينتِي موظفاً ولهُ شأنٌ كبير، كنتُ أحلمُ بسعادةٍ تنتظرنِي، لكني لم أكن أدركُ حجمَ المعاناةِ التي سأعيشها، وبدأتُ الأيامُ تمرُ والخلافاتُ كالجبالِ تحولُ بيننا، دائماً ما كان يقوم بضربي، تحملتُ وصبرتُ لان الله قد رزقنا بطفلين صبي وبنت، كنتُ أصابُ بنوابتٍ من الأملِ الكاذبِ وأقولُ الأيامُ ستغيره، لكن لم تبلغ طفلتي الشهر ونصف حتى توفي زوجي بحادث سير ليفقد ولديّ أبيهم وأفقد أملي بالحياة بأن نعيش حياة أكثر سعادة.
عدت إلى منزل والدي مصطحبةً أولادي وخيبة أملي المحمولةِ على عاتقي ككومةٍ من الأحجار، لم أبلغ العشرين من عمري، حتى لم ألقى من أهل زوجي العون الذي انتظرته منهم بل أخذوا مني المنزل وكل ما يحق لي ولأولادي.
اتخذت غرفة في منزل والدي لي ولأولادي وتعلمت مهنة الخياطة وبدأت العمل وتلبية كل ما أحتاج أنا وأولادي من عملي بالخياطة حتى مرت سنين من المعاناة وتعب ثمانية عشر عاماً، حتى رأيت أولادي شبان أمام عيني وزوجتهم وكنت سعيدة بهم.
وبعد عدة أشهر على تزويج أولادي تقدم لي رجل للزواج فأهلي كانوا يضغطون عليّ للقبول وخاصة أنني كنت أرفض الزواج حتى أزوج أولادي فلم أجد سوى القبول، وتزوجت رغم أنه متزوج مرتين ولديه أولاد، وعشت في غرفة ومطبخ صغير في منزل زوجته الثانية، ورزقت بطفلين منه، لطالما وعدني أن يبني لي منزل لكنه غير مسؤول عنا، وما زلت أعمل بالخياطة ولم أرتح حتى بعد زواجي.
حتى اشتد بي المرض ولم أعد أستطيع العمل، كان أقل سعر دواء احتاجه (25) ألف، كيفَ أجد السبيل لشرائه !!، وزوجي غير مبالٍ، فولديّ مازالا صغيرين، يحتاجان لمن يعينهما، وابني الكبير في تركيا مع عائلته بالكاد يجني قوت عائلته وأجار منزله.
مضت أيام عمري ولم أشعر براحة التي حلمت أن أجدها وكم من الأيام سأعاني أيضاً فلم يعد جسدي يتحمل تعب وألم الحياة.
(تغريد العبد الله)