معاناة “أم أحمد” بين هدم منزلها واعتقال ولدها
أنا “أمُ أحمد” أبلغُ من العمر 43 عاماً قَضيت من عمري ثماني سنوات في هذه الثورة المجيدة وقد كنت قبل هذه الثورة أُصارع أنا وعائلتي في هذه الحياة لتحسين معيشتنا.
ولكن عندما قامت هذه الثورة وبعد تحرير القرية من قوات الأسد كانت أكبر صَدمة مروعة في حياتي قام الطيران الغاشم بضرب منزلي بالبراميل المتفجرة، بيتي الذي لم أفرح بالسكن فيه بعد، كانت تلك المصيبة أعظم أمرٍ مرَ علي في حياتي ولكن الله أرادَ أن يصبرني على هدم منزلي وأراد ان يريني مقدار عفوه وكرمه، فجاءت مصيبة أعظم اعتقلَ ولدي الكبير” أحمد ” من قبل قوات الأسد وهو في طريقه إلى جامعته ودام اعتقاله قرابة الشهر وكنت خلال تلك الفترة أصارع اشباح الموت كل يوم ولم تكن صورة ولدي تفارق مخيلتي، لم اكن أراه سوى جثةً هامدة ولكن الله الذي وسع كل شيء برحمته أفاضَ علي من كرمه الذي غطى وجه الأرض فقد ذهبنا إلى مكان اعتقاله وعدنا به إلى البلدة.
كانت تلك الفرحة فرحة عمري التي لا يعادلها أيةُ فرحة على وجه الأرض كأني رجعت بولدي من الموت ولكن بعد تلك المحنة قرر ولدي الإلتحاق بالجيش الحر وعادت معاناتي وقلقي عليه ولكن مع ذلك الأمر استوعبت أنه قدري كما هو قدر كل أم في هذه المناطق المحررة.
فإما أن تكون ثكلى على ولدها الذي استشهد في المعارك أو أم فقدت أحد أطفالها في القصف أو أم تصارع مع عائلتها في أحد المخيمات بعد نزوحهم، هكذا نحن الأمهات في وطني الجريح الذي دمر، دمرته الايادي العابثة دمره الجهل دمره حب السلطة وتعبت كل أم فيه.
كنا نظن بأن الحرية سوف تُنال على طبقٍ من فضة لكنها كانت صعبة المنال لقد صعدنا درجات قلال إليها لكن ذلك كان صعباً للغاية وكان ذلك على حساب المئات بل الألوف من زهرات شبابنا الذين ضحوا بأرواحهم من أجل تلك الحرية وهم الوحيدون المخلصون الذين دفعوا الثمن.
لم نكن ندرك بأن الحرية لاتنمو إلا على جثث الأبطال وإني أسأل الله تعالى بأن يزيل تلك الغمامة السوداء من سماء وطني لأنها أطالت مكوثها ولقد تعب وطني كثيرا وتعبت كل أم مثلي فيه.
“أم أحمد”