لن أنسى وفاة زوجي ما دمت حية
أنا ام احمد أبلغ من العمر 50 عاماً، تزوجت من ابن عمي في سن مبكر، انعم الله علينا 6أولاد وابنة وحيدة، ذهبنا إلى الرقة لأن زوجي كان يعمل في شركة هناك، وكنا نزور بلدتنا في أيام العطل، كانت حالتنا لمادية جيدة واستطاع زوجي بناء منزل في البلدة من أجل المكوث به عند عودتنا إلى البلدة.
وكان ثلاثة من أولادي يعانون من مرض تلاسيميا الصغرى، وبسبب ذلك كانوا لا يستطيعوا العمل، وكنت كل شهر أذهب إلى المستشفى لكي اضع لهم دم، وعندما أصبحوا كبار قمت بتشجيعهم على الدراسة حتى استطاعوا إكمالها والدخول في معهد أدارة الأعمال.
ومع بداية اندلاع الثورة وانتشارها في جميع مناطق سوريا، تقاعد زوجي عن العمل، وقرر زوجي العودة إلى بلدتنا والاستقرار في منزلنا، وبالفعل عدنا إلى البلدة واستقرينا بها، وزوجت أربعة من أولادي.
فكان كل واحد منهم يتزوج ويقيم في منزلنا لمدة حتى يستطيع بناء منزل صغير بمساعدة والده، وهكذا حتى استطاع كل منهم الاستقرار في منزل يملكه.
ولكن المرض لم يتركهم فقد كان سيئاً جدا، ففي كل شهر يذهبون إلى المستشفى لنقل دم، وعندما يأكلوا طعاما من البقوليات كان دمهم يفرط واجسادهم لا تقاوم أي مرض.
ومرض أولادي كان صعب كثيراً بالنسبة لي، وقد اتعبني جداً حتى جاءني هم أكبر من هذا وهو وفاة زوجي وبقائي وحيدة أعاني مع أولادي المريضين، ولم ينتهي عزاء زوجي حتى جاء ولدي الكبير يريد ميراث والده.
فقمنا بوضع لجنة شرعية وأعطت ولدي الكبير حصته من الميراث ولكن أخوته لم يأخذوا حصتهم.
وبقي عندي ولدين لم ازوجهم بعد لصغر سنهم، فبدأت العمل في الأراضي الزراعية من أجل تأمين احتجاجاتهم، وبعد فترة قرر ولدي الذي يبلغ من العمر خمسة عشر عاماً السفر إلى تركيا من أجل العمل هناك، وبقي هناك فترة من الزمن، وعند عودته كان قد تمكن من توفير مبلغ من المال، وقرر أن يقوم به بتجارة الأغنام، وبالفعل قام بشراء العديد من رؤوس الأغنام، وأنا كنت أعتني بها حتى أوفر له مبلغ من المال من أجل أن ازوجه، وأما ولدي الصغير محمد فهو في المدرسة في الصف السادس كان يحتاج إلى مصاريف الدراسة، فكنت لا أتوانى عن أي أعمل استطيع القيام به من أجل تأمين كل مستلزماته.
وبعد وفاة زوجي أصبح البيت كئيباً ساكناً لأنه ترك فراغاً كبيراً لا يمكن أن يملأه أحد، ولقد مر عامين على فراقه وحتى هذه اللحظة لم أتقبل ذلك الأمر.