فادية رائدة في مشاريع تمكين المرأة بريف حلب الشمالي
فادية محمد الفرج (٣٣ عاماً) من بلدة بزاعة بريف حلب الشمالي الخاضعة لسيطرة الفصائل الثورية، درست في مدينتها حتى نالت شهادة الثالث الثانوي، ومن ثم دخلت جامعة حلب، فرع تربية، معلم صف، وفي السنة الثانية من الجامعة تزوجت، وتقول:
“الحمد لله رب العالمين، كان والدي يشجعني دائماً على الدراسة ويساعدني، وكذلك كان زوجي سنداً لي في إكمال طريق دراستي الجامعية، ويعود الفضل له في نجاحي وانهاء جامعتي وحصولي على الشهادة الجامعية، وبعد تخرجي بدأت الحياة العملية بريف بزاعة ومساعدة زوجي في مصروف المنزل”.
لم تعمل فادية في التدريس فقط، بل ساهمت وشاركت في كثير من المشاريع، منها مشروع تمكين المرأة الريفية وتقول:
“أثناء تدريسي في المدرسة بريف بزاعة بدأت الأمم المتحدة مشروع تمكين المرأة الريفي في المنطقة، وعلى اعتباري كنت معلمة في هذه البلدة كنت جزءاً من هذا المشروع وقمت بتنفيذ دورات محو أمّية للنساء، بعدها عملنا على دورات مهنية، كما عملنا على منح قروض للنساء العاملات في مشاريع صغيرة مثل افتتاح محلات أو تربية حيوانات”.
هذا كان أول طريق لفادية في العمل مع النساء، وكان لديها طموح كبير، فكانت تريد تعميم هذا العمل على أكبر فئة من النساء، وتقول: “يجب على أي امرأة في أي مجتمع كان، صغيرة أم كبيرة، أن يكون لديها مبدأ وطموح”.
تتذكر فادية بدايات الثورة السورية وتقول: “الحمد لله كنا نشارك في هذه الثورة ولكن بأسلوب آخر، ثورة العلم والفكر والقلم الحر، وليس ثورة سلاح فقط، كان هذا فكرنا إلى أن دخلت داعش على المنطقة، هنا أغلقت كثير من الأبواب حتى المدارس كانت متعرضة للإغلاق، وكان في ذلك الوقت قصف عنيف على المدينة، فكان يوجد خياران أمامنا، إما البقاء دون معرفة طريقنا المجهول، وإما الخروج والذهاب إلى مكان يتوفر فيه الأمان وحياة أفضل لعائلتي، ونكمل من خلالها مسير طريقنا وثورتنا بالأفكار التي نؤمن بها”.
بعد هذه الأوضاع من قصف قوات الأسد لمدينة بزاعة ودخول داعش للمنطقة حاولت فادية هي وعائلتها الدخول إلى تركيا، ولكن جميع محاولاتهم كانت فاشلة بسبب المخاطر الهائلة التي تعرضوا لها، وواجهوا الكثير من الصعوبات، لذلك قرروا البقاء في سوريا ولكن في منطقة غير منطقتهم، وتوضح ذلك قائلة:
“حاولنا الخروج من سورية بشكل نهائي ودخول تركيا، ولكن كان صعباً كثيراً، تعرضنا لمخاطر هائلة، حاولت أكثر من عشر مرات الدخول ولكن باءت جميع محاولاتي بالفشل، فقرر زوجي النزوح إلى مدينة إدلب واستقرينا في منطقة حارم، ولم نستطع العودة إلى مدينتي بسبب دخول داعش والقصف المستمر على المدينة”.
وتضيف: “بدأنا من جديد من الصفر أنا وزوجي، الحمد لله كانت شهادتنا سلاحاً لنا، ومن خلالها استطعنا الحصول على فرص عمل جديدة، بدأت العمل مع المنظمات الإنسانية التي كانت تسعى لتوصيل خدمتها لجميع الفئات الموجودة في الداخل السوري، الفئات المستضعفة، النساء والأطفال، عملنا في مجال الإغاثة الإنسانية وحماية الطفل”.
بعد أن أقامت فادية في إدلب قرابة أربع سنوات انطلقت عملية درع الفرات، وهي العملية التي أسفرت على طرد داعش من بلدتها بزاعة، وأصبحت هذه المنطقة آمنة، والأوضاع في درع الفرات بدأت تتجه نحو الاستقرار والأمان، لذلك قررت هي وزوجها العودة إلى بلدتهم، وتقول:
“عند عودتنا عدنا إلى مدينة إعزاز القريبة من بلدتي، وكانت أحلى فكرة بهذه العودة هي المؤتمر التأسيسي لوحدة دعم تمكين المرأة، كان في نفس الشهر الذي عدت به إلى المدينة، حضرت المؤتمر التأسيسي، كنا نحاول من خلاله جمع صوت المرأة لكيان واحد، واليوم الوحدة تنتشر ووصلت إلى مدينة جرابلس، وهي فعالة جداً ولديها لجان منتخبة، وأنا بصفتي من ضمن هذه الوحدة اشتغل مع هذه اللجان وأتابع أمورها، ولدينا أنشطة وفعاليات مشتركة، ودائماً النساء لدينا يتطورن”.
وعملت فادية على دعم المرأة للوصول إلى المجالس المحلية في منطقتها، وتتحدث عن ذلك قائلة: “تواصلت مع أكثر من مجلس في المنطقة من أجل وجود المرأة في المجلس المحلي عن طريق إنشاء مكتب للمرأة ضمن المجلس، بصراحة كانت رحلة صعبة وشاقة أن تقنع المجلس أنه يجب أن يكون لديهم نساء ضمنه، ومن المجالس التي تقبلت الموضوع مجلس مدينة مارع”.
أسست فادية مكتب المرأة بعد اختيارها لأربع صبايا مقيمات في مدينة مارع، والمكتب قائم حتى هذه اللحظة ويقوم بدوره في جميع الجوانب ويحاول العمل في مختلف الجوانب الصحية والتربوية والخدمية وكل شيء يخص المرأة في مدينة مارع.
كما عملت فادية على تأسيس اتحاد نسائي في المنطقة، وتشرح ذلك قائلة: “الشيء الثالث الذي عملت عليه بعد وصولي مدينة إعزاز هو تأسيس اتحاد نسائي، فكنا نريد كيان أو مؤسسة ليست حكومية تضم النساء ككل وتتكلم بلسانهن وتدافع عن حقوقهن، لا يوجد هذا الشيء ولكن بفضل الله نجحت وحصلت على صك اعتراف رسمي من أحد نقابات المنطقة”.
وتضيف: “حالياً أعمل رئيسة الاتحاد النسائي العام في حلب، ونحاول من خلال الاتحاد أن يكون لدينا شمول لكل الأدوار التي تقوم بها المرأة، لدينا شمولية بالمهمة موزعة على مختلف الاختصاصات، علمية وإعلامية وصحية ومكاتب مالية وغيرها، وجميع هذه المكاتب حديث الولادة وهي تعمل على تمكين المرأة مستلهمة المثل القائل: لا تعطيني سمكة وإنما علمني كيف اصطاد”.
إعداد فريق “فرش أونلاين”