رحل عريسًا بثيابه الملطخة بالدماء
آية عبد السلام (كفرنبل-إدلب)
في أحد الأيام أخبرني ولدي بأن صديقه فراس سيزوره في البيت والذي لم يره منذ مدة طويلة.
وعندما وصل فراس الى منزلنا رحبنا به واستقبلناه أجمل استقبال، كان مسرورًا جدًا لأنه التقى ولدي من جديد بعد أن غابا كل هذه الفترة الطويلة عن بعضهما.. جلسنا لتناول الغداء معًا، وأخذ ولدي وصديقه يتبادلان أطراف الحديث الذي كنت أشاركهم فيه.
سألت فراس إن كان قد تزوج، فأجاب أنه يبحث عن فتاة تصلح للزواج، فأمه قد توفيت منذ عامين بقصف للطيران الأسدي، ولا يستطيع بمفرده إيجاد الفتاة المناسبة، وطلب إليَّ المساعدة في هذا الأمر.
وبعد بضعة أيام عاد فراس لزيارتنا حينها قال لي إنه يريد التقدم لخطبة أبنتي، تفاجأت في البداية من طلبه، لكني أعرفه جيدًا فهو صاحب تربية وأخلاق عالية، فقلت له لابد أن نسأل زوجي وابنتي ونأخذ الموافقة.
أخبرت زوجي بما حصل، فقد كانت ابنتي ما تزال في السابعة عشر من عمرها، لم يعارض زوجي الأمر، وطلبَ أن يأتي الشاب برفقة أهله كي نتعرف عليهم.
وفي يوم قدوم فراس مع أهله، وبعد حديثٍ دارَ بين زوجي وبين فراس وأهله، سألهم عن عمل فراس، فعرفنا أن أوضاعهُ المادية جيدة جداً ولديه منزل.
وافقنا على زواجه بابنتنا، وكُتِبَ لابنتي أن تكون من نصيب فراس، وحددنا يوم الخطوبة الرسمي.
كان فراس رجل شهم وذو أخلاق حميدة … مع أنهُ يكبر ابنتي بـ 14 عامًا، لكنهُ حسن الخُلق، وذو سمعة جيدة.
وفي يوم الخطوبة انتظرنا فراس وأهله حتى المساء ولم يأتِ أحد .. حينها ظننا بأنه لم يعد يريد الزواج من ابنتي.. مر أسبوع كامل على غياب فراس ليتصل أخاه ويخبرنا بأنه قد تشاجر مع أحد أصدقائه وسُجن.
بعد ذلك حكم على فراس أن يبقى بالسجن لمدة شهر كامل، كانت ابنتي تجهز نفسها للخطوبة ريثما يخرج فراس فهي على موعد بتلك الخطوبة.
جاء المساء يحمل معه المآسي، فقد اتصل شقيق فراس وأخبرنا بأن فراس قد استشهد في السجن، حيث تعرض السجن للقصف من قبل طيران الأسد، ما أدى إلى دمار السجن بالكامل، لم أعرف ماذا سأقول لابنتي، ثمّ بدأت بالبكاء، ماذا أقول لها؟ فقد انتظرت خروجه بفارغ الصبر وهيأت نفسها للزواج من فراس الذي أحبته!
بكيتُ حينها واحتضنتُها بقوّة، قلتُ لها: ابنتي لا تحزني ففراس قد استشهد.. ودفن عريسًا بثيابه الملطخة بالدماء.