فقدت ساقي. لكنني تابعت حياتي المريرة مع أولادي
أنا امرأة سورية، أعيش بقدم واحدة مع أبنائي في بلدة حيش بريف ادلب الجنوبي، فقدت ساقي نتيجة القصف من طيران الأسد المروحي، وأعيش على نفقة أهل الخير بعد تخلي زوجي عني، واستشهاد اخوتي السبعة.
حدث ذلك في يوم كئيب صرت أكره ذكره، لأنه كان أتعس يوم بحياتي، كانت طائرة مروحية محملة بالبراميل المتفجرة تحوم بالسماء، ألقت أول براميلها على المخيم الذي أقطنه، أصبت ولم أرى ماذا حصل لي أحسست بأنني صرت في دنيا أخرى نظرت حولي فرأيت قدمي بعيدة عني لكنني لم أشعر وقتها بألم، وابنتي كانت في أحضاني تبكي وتصرخ من شدة الضغط، صرت ألتفت يميناً وشمالاً ولم أجد ولدي بجانبي، كنت لا أريد سوى أولادي أن يكونوا بجانبي، لم أهتم لشأن قدمي أكثر من أولادي، صرت أبحث عن ولدي لكن من كثرة الدخان والغبار لم أره، هنا كان قلبي يرتجف خوفا عليه ومتلهفة ان يأتي وأراه بعيني، وبعد دقائق رأيته متجهاً نحوي وهو يصرخ من خوفه، ركض باتجاهي وضممته بأحضاني هو وأخته.
نظرت إلى السماء وإذا بالمروحية تحوم من جديد فهي لم تفارق السماء بعد إلقائها البرميل الأول، فقلت لولدي خذ اختك واذهب من هنا لأني لم أعد قادرة على الذهاب معكم، لكنه لم يقبل فقال لي لن أتركك إما نموت سوياً أو نبقى بجانبك، ضممت أولادي ونحن ننتظر البرميل الثاني حتى ألقته في تلك الأثناء، وأدى لاستشهاد(67) شهيداً.
وبعد أن ألقت الطائرة حمولتها وغادرت تم نقلي إلى المستشفى، بدأت بتلقي العلاج، وبعد فترة من الزمن تم توفير قدم صناعية لي، فهي كانت بمواصفات بسيطة نوعاً ما، لكنها كانت تعينني على المشي، وأقوم بإحضار أشيائي بمفردي.
وبعد تخلى زوجي عني وعن وأولادي صرت أذهب كل أسبوع لأجمع بعض المال، فأطرق باب بيوت الناس وأطلب منهم المساعدة لكي أطعم أولادي، فلا معيل لي ولهم، ويوجد على ذمتي ديون كثيرة للناس.
كان أولادي يجلبون لي طبخة لأعدها لهم لكن لا أقدر في أغلب الأحيان أن أعدها، لأن يدي اليسرى لا تعينني أبداً فقد تعطلت من ذلك القصف المريب.
لا أدري ماذا سأقول، سوى أن يعينني الله على باقي حياتي أنا وأولادي وأن يعم الأمن والأمان في بلدنا برحيل الطاغية وأعوانه.
نور العمري