إسراء تطور قدرات أطفال الروضة التي تعمل فيها
“كل شيء مرهون بنقطة البداية، فالأطفال يحتاجون للدعم النفسي المناسب بحيث يتم تطوير قدراتهم حتى يتمكّنوا من تحقيق ذواتهم”، تقول إسراء (28 عاماً).
وإسراء هي معلمة تعمل في روضة للأطفال في مدينة إعزاز بريف حلب الشمالي، تلك المدينة الخاضعة لسيطرة الفصائل الثورية، والتي نزحت إليها إسراء من مدينتها خان شيخون الواقعة في ريف إدلب الجنوبي منذ صيف عام 2019 مع زوجها وطفليها بسبب حملة نظام بشار الأسد وحلفائه على إدلب.
وتتحدث إسراء عن رحلة بحثها عن عمل في بلاد النزوح قائلة: “بعد أن نزحت من خان شيخون وبحكم أنني أحمل شهادة بدأت بالتفكير في إيجاد عمل من أجل مساعدة زوجي الذي لم يتمكن في البداية من الحصول على فرصة عمل في النزوح”.
وتتابع: “علمت من إحدى جاراتي أنه مطلوب موظفات للعمل في روضة اسمها عالم الطفولة في مدينة إعزاز، ثم قدّمت على الوظيفة وتم قبولي سريعاَ، وتعينت في قسم الترفيه والتعليم، فأنا لدي خبرة سابقة في التعليم في الروضات”.
وتقول إسراء إنها تلقى تفاعلاً وحباً كبيرين من الأطفال الذين تعلمهم، وإنها نجحت في خلق جو من المتعة والتشويق لدى الأطفال، وإنها تحفزهم على المشاركة وتطوير مهاراتهم وقدراتهم العقلية، وإنها تجتهد في تنويع الدروس والأنشطة لهم.
الطفلة حنان وهي واحدة من الأطفال الذين يتعلمون في الروضة تقول: “أحب الآنسة إسراء كثيراً، وأنا أمضي معظم أوقاتي هنا، وقد استفدت كثيراً، وأحب الرسم كثيراً”.
وتقول زميلة إسراء المعلمة حسناء: “تعمل إسراء على مساعدة الأطفال على التعلم بشكل سريع وسهل، حيث ابتكرت فكرة بسيطة وسهلة لتعلم الأعداد تسهل على الطفل فهم القيمة العددية بأشياء ملموسة”.
وطرحت إسراء فكرة جديدة على مديرة الروضة أحلام (50 عاماً)، وهي اكتشاف مواهب الأطفال عن طريق فتح صف جديد وجعله كمعرض للأشغال اليدوية والرسومات وغيرها.
وتقول إسراء إنه “يمكن الاستفادة من قدرات الأطفال من خلال تشجيعهم على مسابقات بحيث يتم تحفيز الأطفال على المثابرة وتشويقهم لإنتاج إبداعات كثيرة”.
وتشير إسراء إلى معرض صغير للمشغولات اليدوية قائلة: “نظرت بكثير من الحزن على هذه الغرفة التي تجاور صفوف الأطفال، سابقاً كان يوجد فيها مقاعد بدا أن الغبار يعتليها وقد كانت تلك الغرفة مهملة، وأردت أن أجعل منها معرضاً للأشغال اليدوية، وبعد تنظيفها وترتيبها بدت أنها متقنة وجاهزة لكي تكون معرضاً صغيراً كما يجب”.
ولفتت إسراء إلى أن الدعم توقف عن الروضة مدة ثلاثة أشهر ما دفعها إلى نشر إعلان عبر الفيسبوك مفاده أنها ستبدأ بتقديم دورات تقوية لطلاب الابتدائي، وبالفعل نجحت وتوافد الطلاب عليها، ولكن ذلك لم يمنعها من العمل بالمجان خلال تلك الأشهر إلى أن عاد الدعم من جديد، وتوضح ذلك قائلة:
“بما أنني عملت دورات تقوية للطلاب سابقاً قررت أن أعمل فيها مجدداً، ولكني بقيت متابعة عملي في الروضة بشكل طوعي، فربما يعود الدعم إليها مجدداً، وتعودي على الأطفال وحبي لهم جعلني أكثر تعلقاً بتلك الروضة، والحمد لله عاد الدعم إلى الروضة من جديد، وعملت مع فريق الروضة على تطوير تعليمنا للأطفال، وسجل الطلاب معدلات عالية، والآن أنا أعمل في البيت وأعمل في الروضة بالحماس نفسه”.
وتقول أسماء (اسم مستعار) وهي جارة إسراء: “جارتي إسراء امرأة صبورة وذكية، تحملت مرارة النزوح والتشرد، وسعت جاهدة من أجل الحصول على وظيفة تعتاش منها هي وزوجها وأطفالها، ولديها مقدرة على جذب الأطفال بطريقة حنونة وذكية”.
كما لفتت إسراء إلى حصول زوجها على فرصة عمل منذ فترة وجيزة، وأصرت على أن ذلك لا يمكنه أن يمنعها من مواصلة العمل في تعليم الأطفال وتنمية مقدراتهم ومواهبهم، والسبب الرئيسي لذلك ليس لأن راتباً واحداً لا يكفي هذه الأيام، وإنما لأنها تحب عملها كثيراً ولا يمكنها الاستغناء عنه.
وتتطلع إسراء إلى إكمال تعليمها الجامعي الذي توقف بسبب الحرب الدائرة في سوريا، إذا أنها وصلت إلى السنة الثانية في كلية التربية، وتتمنى أن تنتهي الحرب في سوريا وأن يتمكن السوريون من بناء سوريا حرة عادلة قوية لكل السوريين، وتقول:
“على الصعيد الشخصي أتمنى أن أعود إلى مدينتي خان شيخون وهي محررة، ولدي طموح أن أطور عملي من خلال فتح روضة خاصة فيها، وأكون أنا المشرفة عليها”.
إعداد: فريق “فرش أونلاين”